من اسرارالله سبحانه وتعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك وأنبيائك ورسلك على محمد وآل محمد

إن الفاعل الحقيقي في الوجود من أوله إلى آخره هو الله تبارك وتعالى. ولا يوجد متصرف في الخلق إلا الواحد القهار سبحانه.
ولكن يجوز لك أن تنسب فعل الإماتة ـ مثلا ـ إلى ملك الموت مجازا لا حقيقة،وكذا الفلاح يجوز لك أن تسميه (مزارع) مجازا لأن الزارع الحقيقي هو الباري سبحانه (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون).
أيضا من باب الجواز يحق لك أن تسمي نفسك (مالك) الأرض الفلانية والبيت الفلاني،ولو أنه لا يوجد مالك إلا الله تعالى،فهو المالك لكل شيء.

إذن جميع هذه التسميات عندما تطلق على أي مخلوق إنما تطلق على نحو المجاز لا الحقيقة،لأن الحقيقة لا مالك ولا متصرف في جميع الأكوان
الوجودية إلا الباري جل وعلا.
فمن باب المجاز يحق لك أن تنسب الأفعال للمخلوق أو تطلق على المخلوق بعض الأسماء ولو أنها حقيقة لا تنسب ولا تطلق إلا على الله سبحانه.

سؤال:
لماذا يجوز لك أن تسمي نفسك مالكا القطعة الكذائية من الأرض أو البيت وتتصرف فيها كما تشاء ولا يجوز عندك أن تطلق على أهل البيت عليهم السلام أن لهم ملك الوجود وأنه تحت تصرفهم؟؟؟؟؟؟؟
بناء على كلامك إذن حتى تسمية الله تعالى لملك الموت أنه يقبض الأرواح ويميت الخلق فيها نوع من الشرك والغلو!!!!!!!
وحتى تسمية ربنا تعالى لنبيه عيسى أنه يخلق من الطين ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى تعتبر عندك شركا وغلوا!!!!!!!
{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }المائدة110
{وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران49
إني أعلم بأنه بإذن الله...ومن قال لك أن عقائدنا ليست مبنية على أساس (بإذن الله)؟؟؟؟؟؟؟

النور الأول:
أنت تنادي الشخص بما أظهر لك وبما رأيته منه. مثلا:
إذا رأيته يكتب ستسميه وتناديه: يا كاتب.
وإذا كان يزرع ستناديه: يا مزارع.
وعلى هذا فقس بقية الأفعال والأسماء،ولاحظ أن الفعل يسبق الاسم.
ولاحظ أن الفعل يولد الاسم،وبالعكس فأنت تأخذ الاسم من الفعل الذي صدر من الشخص كما ذكرنا في المثال السابق.
كذلك نحن عندما ننادي وندعو ربنا سبحانه بأسمائه الحسنى ـ مثلا ـ : يا رحيم. لأننا رأينا رحمته الواسعة.
أو: يا عظيم. لأننا رأينا عظمة خلقه.
فنناديه بما نرى في الكون والخلق من كرمه سبحانه ونعمه و...الخ.

يقول مولانا الصادق : (نحن والله الأسماء الحسنى التي أمركم الله أن تدعوه بها).
فنحن ننادي ربنا بأهل البيت عليهم السلام لأنهم أسماؤه وصفاته
وهو المسمى تبارك وتعالى. فتدبر وركز جيدا.
فعل المعصوم هو فعل الله تعالى (يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها). لأنه على أساس: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
فهو تعالى يفعل كل شيء بهم لأنهم يده وعينه ولسانه وسمعه.
ولا يخفى عليك أنك متكلم ولكن بواسطة لسانك،وكاتب ولكن بواسطة يدك،ومبصر ولكن بواسطة عينك والباقي عليك.
فهم الذين أظهروا فعل الله تعالى لذا أناديه بهم وبواسطتهم.
فكما تنادي الذي يكتب: يا كاتب.
كذلك تنادي ربك تعالى: يا علي.
لأنه ظهور من ظهوراته،كما تنادي الفلاح: يا مزارع.
من باب المجاز وإلا حقيقة الفاعل هو الله تعالى.
إذا لم تفهم جيدا فراجع السطور السابقة وأمعن نظرك فيها.

النور الثاني:
لو دققنا مليا في تعاملنا بيننا لوجدنا أمورا عظيمة لأنه:
(من عرف نفسه فقد عرف ربه).
تعال معي بفكرك ودع كل شيء حتى تفوز بمعرفة هذا المقام النوراني.
عندما تشير بيدك إلى وجه شخص ما،وتقول: هذا محمد.
لاحظ أنك تشير إلى وجهه وتقول هذا فلان.
بينما في الواقع هذا وجه فلان وليس ذات فلان.
ولكن بمجرد أن رأيت وجهه استدللت على حضوره.
فإذا رأيت الوجه تقول: رأيت فلانا.
ولست تقول: رأيت وجه فلان.
هذا صحيح أم لا!!!!!!!!!!!!!!

كذلك ماذا يمنعك إذا أشرت على وجه الله وقلت: هذا هو الله تعالى؟!!
قال: (أنا وجه الله).
لا يجوز لمن يفهم أن يكشف السر لمن لا يحتمل
جواهر هذه المقامات الربانية.

سؤال:
إذا أشرت لوجه فلان من الناس وقلت: هذا فلان.
هل تقصد أن وجهه هو ذاته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لا...طبعا...فكذلك طبق هذا الأمر على المعصوم
فإذا أشرت عليه وقلت: هذا هو الله أو ناديته: يا الله.
أنت لا تريد أن وجه الله هو الله تعالى!!!
كما أن وجه الشخص ليس ذاته.

أرجو أن تمعن النظر مليا فإن في هذا المقام أسرارا أعظم مما ذكرنا
ولا يجوز لك ولا لي كشف السر الأعظم لباطن الغيب العلوي.
وإذا كان هذا قطرة من شعاع معرفة الآية الكبرى فكيف بمقام الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله الذي مقامه أعظم وأعظم؟؟؟؟؟؟؟!

همسة للمتعمقين:
وبناء على ما ذكرنا افهم جيدا ما يترتب إذا نادى المعصوم:
يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله.
يعني: إذا وجه الله ؛ نادى وقال: يا الله.

حقيقة هذه من ألذ المقامات النورانية لمن وفقه الله تعالى أن يعيشها
بقلبه ويمزجها بروحه ويتذوقها بفؤاده والحمد لله رب العالمين.
ولولا خوفي من أعوان فرعون وملئهم لذكرت
مقامات عجيبة وأسرارا غريبة ترتعد منها الفرائص وتنوء بها العصبة أولو القوة ويعجز عن حملها أشداء الرجال (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين).
ولا أشك أنكم ـ الحمد لله ـ من الخاشعين.