الرواية الرسمية لأحداث البقيع تبلورت اليوم بشكل كامل
بدأت الرواية بالقول أن الزوار الشيعة (اعتدوا!) على رجال الهيئة (المساكين المظلومين)! و(حاصروا!) مقرهم!
ثم تطورت الرواية الرسمية الى أن الشيعة احتجوا على (إغلاق البقيع)!
ثم الى (شجار) بين المصلين (السنّة) وبين الزائرين الشيعة، ولم نعلم ما هو السبب، تدخلت على إثره أجهزة الأمن لتضع حدّاً لذلك.
شيئاً فشيئاً تغيب الحكومة وقوات أمنها من الصورة! لتستعيد دورها الموكول إليها وهو حماية (الوطن النجدي المزعوم)، وافشال مخططات (الطابور الخامس) الشيعي بالطبع!
ثم تطوّر الأمر الى (مؤامرة) نسجها (شيعة الداخل) مع (شيعة الخارج) القابعين في إيران!
الى أن أكمل وزير الداخلية الرواية الرسمية، فقال بأن السبب هو أن الشيعة عمدوا الى نبش القبور!
أصبحت اليوم (قضية نبش قبور)!
وحاشا لله أن يقبل موحدو نجد بهذا الفعل (الشنيع)!
إذن.. كل المشكلة تكمن في أن الشيعة يريدون نبش القبور، والحكومة منعتهم، واعتقلت نباشي القبور هؤلاء!
صفة جديدة تلصق بالشيعة في المملكة النجدية الطائفية.
وهذا يدل أن نايف وإخوانه لا يبحثون عن حل لمشكلة التمييز الطائفي الذي لازم حكمهم منذ احتلال مناطقنا.
هم يريدون كسب الرأي العام المحلي والعربي، على حساب الحقيقة، عبر تأجيج مشاعر طائفية مستندة الى دعايات مخترعة.
هم لا يريدون تحقيقاً يجرم الجناة، لا يريدون الحديث عن السكاكين والرصاص وأسياخ الحديد التي اعتدوا بها على النساء والأطفال والرجال.
لا يريدون الحديث عن الشتائم والإهانات التي وجهت للشيعة.
لا يريدون أن يتعمقوا قليلاً في أزمة العلاقة بين دولة النجديين والشيعة، وأن يعدلوا من سياساتهم الطائفية.
تقول لهم إن أفعالكم الطائفية تفجر الغضب في النفوس، فيردون عليك بأنك تريد نبش القبور.
ثم تأتي الليبرالية النجدية لتقدم شروحاتها لكلام نايف (غير المقدس).
كاتب نجدي في قمة الليبرالية! وهو صالح ابراهيم الطريقي، كتب اليوم مقالاً في عكاظ تحت عنوان (حادث البقيع والقانون) طالب فيه بوضع قانون ضد (نابشي القبور)!
ما كانت النخبة النجدية لتظهر لنا أفضل من هكذا كتاب.
ولا أن تصنع لنا غير هذه الدولة الطائفية العنصرية البغيضة.
هي نفس السمات بين الصانع والمصنوع.
نبش القبور عمل لا أخلاقي، إلا عند الشيعة! هذه خلاصة المقالة.
والمطلوب وضع عقوبات قانونية واضحة ضد من ينبش القبور حتى لا تعود أحداث البقيع مرة أخرى!
حلول عبقرية، لمشكلة غير موجودة، فيما مشكلة الطائفية باقية، لم ينظر لها نجدي واحد، لا ملتحي ولا بدون لحية.
بمثل هذه العقول والأخلاقيات النجدية تدار الدولة بيد أقلية، ويتم التعاطي مع القضايا.
إن ما قاله نايف، وما شرحه تلامذته غير النجباء من كتاب وصحافيي نجد، لا يكسبهم معركة إعلامية، ويزيد الشرخ بينهم وبين بقية المواطنين، كما ويزيد الشيعة إصراراً على تحصيل حقوقهم المغتصبة نجدياً، وإلا الإنفكاك عن هذه الدولة النجدية البغيضة