قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (( انا مدينة العلم وعليٌ بابها ))
بعض اشعار امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام سيد البلغاء بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
الجزء الاول
الهمزة
يقول سلام الله عليه في فضل العلم :
الناس من جهة التمثيل أكفـاء ـــ أبـوهـم آدم والأم حـــواء
نفس كنفـس وأرواح مشاكلـةـــ أعظم خلقت فيها و أعضـاء
و إنما أمهات النـاس أوعيـة ـــ مستودعات وللأحسـاب آبـاء
فإن يكن لهم من أصلهم شرف ـــ يفاخرون به فالطيـن والمـاء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهـم ـــ على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه ـــ وللرجال على الافعال أسمـاء
وضد كل امرىء ما كان يجهله ـــ والجاهلون لأهل العلم أعـداء
و إن أتيت بجود من ذوي نسب ـــ فـإن نسبتنـا جـود وعليـاء
ففز بعلم ولا تطلـب بـه بـدلا ـــ فالناس موتى و أهل العلم أحياء
ويقول أيضا سلام الله عليه في الاصدقاء والزمن :
تغيـرت المـودة والوفـاء ـــ وقل الصدق وانقطع الرجاء
و أسلمني الزمان إلى صديق ـــ كثير الغدر ليس له وعـاء
ورب أخ وفيـت لـه وفـي ـــ ولكن لا يدوم لـه الوفـاء
أخلاء إذا استغنيـت عنهـم ـــ و أعـداء إذا نـزل البـلاء
يديمون المودة مـا رأونـي ـــ ويبقى الود ما بقـي اللقـاء
و إن غيٍبت عن أحد قلانـي ـــ وعاقبني بما فيـه اكتفـاء
سيغنيني الذي أغنـاه عنـي ـــ فلا فقـر يـدوم ولا ثـراء
وكـل مـودة لله تصـفـو ـــ و لا يصفو مع الفسق الإخاء
وكـل جراحـة ولهـا دواء ـــ وسوء الخلق ليس له دواء
وليـس بدائـم أبـدا نعيـم ـــ كذاك البؤس ليس له بقـاء
إذا أنكرت عهدا مـن حميـم ـــ ففي نفسي التكرم والحيـاء
إذا ما رأس أهل البيت ولـي ـــ بدا لهم من النـاس أجفـاء
ويقول أيضا في النساء :
دع ذكرهن فما لهن وفـاء ـــ ريح الصٍبا وعهودهن سواء
يكسرن قلبك ثم لا يجبرنـه ـــ وقلوبهن من الوفاء أخلاء
ويقول في الدنيا :
تحرز من الدنيا فإن فناءها ـــ محل فناء لا محـل بقـاء
فصفوتها ممزوجة بكدورة ـــ وراحتها مقرونـة بعنـاء
كدورة : ما يعكر صفاء العيش وهدوء البال .
ويرثي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول :
أمـن بعـد تكفيـن النبـي ودفـنـه ـــ نعيـش بـآلاء ونجـنـح للسـلـوى
رزئنا رسـول الله حقـا فلـن نـرى ـــ بذاك عديلا مـا حيينـا مـن الـردى
وكنت لنا كالحصـن مـن دون أهلـه ـــ له معقل حـرز حريـز مـن العـدى
وكنـا بـه شـم الانــوف بنـحـوه ـــ على موضـع لا يستطـاع ولا يـرى
وكنا بمرآكـم نـرى النـور والهـدى ـــ صبـاح مسـاء راح فينـا او اغتـدى
لقـد غشيتنـا ظلمـة بعـد فقـدكـم ـــ نهارا وقد زادت علـى ظلمـة الدجـى
فيا خير من ضـم الجوانـح والحشـا ـــ ويا خير ميت ضمـه التـرب والثـرى
كـأن أمـور النـاس بعـدك ضمنـت ـــ سفينة موج البحر والبحر قـد طمـى
وضاق فضـاء الارض عنـا برحبـه ـــ لفقد رسـول الله إذ قيـل قـد مضـى
فقـد نزلـت بالمسلميـن مصيـبـة ـــ كصدع الصفا لا شعب للصدع في الصفا
فلن يستقـل النـاس مـا حـل فيهـم ـــ ولن يجبر العظم الـذي منهـم وهـى
وفـي كـل وقـت للصـلاة يهيجهـا ـــ بـلال ويدعـو باسمـه كلمـا دعـا
ويطلـب أقوامـا مـواريـث هـالـك ـــ وفينـا مواريـث النـبـوة والـهـدى
وقال أيضا سلام الله عليه في يوم بدر :
نصرنا رسول الله لمـا تدابـروا ـــ وثاب إليه المسلمون ذوو الحجى
ضربنا غواة الناس عنـه تكرمـا ـــ ولما يروا قصد السبيل ولا الهدى
ولما أتانـا بالهـدى كـان كلنـا ـــ على طاعة الرحمن والحق والتقى
ويقول أيضا عن الحياة الدنيا :
حياتـك أنـفـاس تـعـد فكلـمـا ـــ مضى نفس أتقصت من عمرها جزءا
ويحييك ما يفنيك فـي كـل حالـة ـــ ويحدوك حاد ما يريد بـك الهـزءا
فتصبح في نفس وتمسـي بغيرهـا ـــ ومالك من عقـل تحـس بـه زرءا
ويقول أيضا في الحث على العمل وطلب الرزق :
وما طلب المعيشة بالتمنـي ـــ ولكن ألق دلوك في الـدلاء
تجئك بملئها يومـا ويومـا ـــ تجئك بحمـأة وقليـل مـاء
ولا تقعد على كـل التمنـي ـــ تحيل على المقدر والقضـاء
فإن مقادر الرحمـن تجـري ـــ بأرزاق الرجال من السمـاء
مقـدرة بقبـض او ببسـط ـــ وعجز المرء أسباب البـلاء
لنعم اليوم يوم السبت حقـا ـــ لصيد إذ أردت بـلا امتـراء
وفي الاحد البنـاء لان فيـه ـــ تبدَى الله في خلق السمـاء
وفي الإثنين إن سافرت فيـه ـــ ستظفر بالنجـاح وبالثـراء
ومن يرد الحجامة فالثلاثـا ـــ ففي ساعاته سفـك الدمـاء
وإن شرب امرؤ يومـا دواء ـــ فنعم اليـوم يـوم الاربعـاء
وفي يوم الخميس قضاء حاج ـــ ففيـه الله يـأذن بالدعـاء
وفي الجمعات تزويج وعرس ـــ ولذات الرجال مـع النسـاء
وهـذا العلـم لا يعلمـه إلا ـــ نبـي أو وصـي الأنبـيـاء
الحمأة: الطين.
قبض : يقصد به ضيق الرزق .
بلا امتراء: بلا شك .
الباء
قال عليه السلام في الخلافة :
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم ـــ فكيف بهـذا والمشيـرون غيَـب
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم ـــ فغيرك أولـى بالنبـي و أقـرب
أقرب : أي فغيرك أيها الخصم أقرب للنبي و أولى بالخلافة .
وقال وهو بصفين :
ألم تـر قومـي إذ دعاهـم أخوهـم ـــ أجابوا و إن يغضب على القوم يغضبوا
هم حفظوا غيبي كمـا كنـت حافظـا ـــ لقومـي أخـرى مثلهـا إذ تغيَـبـوا
بنو الحرب لم تقعـد بهـم امهاتهـم ـــ و آباؤهـم آبـاء صـدق فأنجبـوا
فقال ايضا في المفاضلة بين الدين والنسب :
لعمرك مـا الإنسـان إلا بدينـه ـــ فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
فقد رفع الاسلام سلمان فـارس ـــ وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب
وقال ايضا عن الفرج بعد الضيق :
إذا اشتملت على اليأس القلوب ـــ وضاق بما به الصدر الرحيب
و أوطنت المكاره واستقـرت ـــ و أرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها ـــ ولا أغنـى بحيلتـه الأريـب
أتاك على قنوط منـك غـوث ـــ يمن به اللطيـف المستجيـب
وكـل الحادثـات إذا تناهـت ـــ فموصول بهـا فـرج قريـب
وقال عن الراحة بعد التعب :
إني أقـول لنفسـي وهـي ضيقـة ـــ وقد أناخ عليهـا الدهـر بالعجـب
صبرا على شـدة الايـام إن لهـا ـــ عقبى وما الصبر إلا عند ذي الحسب
سيفتـح الله عـن قـرب بنافعـة ـــ فيها لمثلـك راحـات مـن التعـب
وقال ايضا وهو على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:*
ما غاض دمعي عند نازلـة ـــ إلا جعلتـك للبكـا سبـبـا
و إذا ذكرتك ميتـا سفحـت ـــ عيني الدموع ففاض وانسبكا
إني أجلٌ ثـرى حللـت بـه ـــ عن أن أرى لسواه مكتبئـا
*: كان علي بن ابي طالب سلام الله عليه يغدو ويروح الى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ويبكي تفجعا ثم يقول : يا رسول الله ما أحسن الصبر إلا عنك و أقبح البكاء إلا عليك ثم يقول الابيات .
نازلة : نكبة – مصيبة .
وبعد أن قتل عمرو بن عبد ود في وقعة الخندق وانكشف عنه وتنحى قال :
عبد الحجارة من سفاهـة رأيـه ـــ وعبـدت رب محمـد بصـواب*
فصددت حيـن تركتـه متجـدلا ــــ كالجذع بيـن دكـادك وروابـي
وعففت عن أثوابه ولـو أننـي ــــ كنت المقطر فـي زنـى أثوابـي
لا تحسبـن الله خـاذل ديـنـه ـــ ونبيـه يـا معشـر الاحــزاب
أعلي تقتحـم الفـوارس هكـذا ـــ عني وعنهم خبـروا أصحابـي
فاليوم تمنعني الفـرار حفيظتـي ـــ ومصمم في الرأس ليس بنابـي
أدى عمير حين أخلـص صقلـه ـــ صافي الحديدة يستفيض ثوابـي
فغدوت ألتمس القراع بمرهـف ـــ عضب مع البتـراء فـي أقـرب
آلى ابن عبد حين جاء محاربـا ــــ وحلفت فاستمعوا مـن الكـذاب
أن لا يفـر ولا يهلـل فالتقـى ــــ أسدان يضطربـان كـل ضـراب
وغدوت ألتمس القراع وصـارم ـــ عضب كلون الملح فـي أقـراب
عرف ابن عبد حين أبصر صارما ـــ يهتـز أن الأمـر غيـر لعـاب
أرديت عمـرا إذ طغـى بمهنـد ـــ صافي الحديـد مجـرب قصـاب
*: معنى البيت ان عمرو بن عبد ود عبد الاصنام لجهله وسفاهة تفكيره ورأيه وعبدت الله تعالى رب محمد عبادة صحيحة عن حق .
وروي أنه أتى رجل الى علي عليه السلام فقال : يا علي اخبرني ما واجب و أوجب و عجيب و أعجب و صعب و أصعب و قريب و أقرب فكان رد الامام هذه الابيات :
فرض على الناس أن يتوبوا ــــ لكن ترك الذنـوب أوجـب
والدهر في صرفه عجيـب ــــ وغفلة الناس فيه أعجـب
والصبر في النائبات صعـب ــــ لكن فوت الثـواب أصعـب
وكـل مـا يرجـى قريـب ــــ والموت من كل ذاك أقـرب
وقال ايضا في ابي لهب :
أبا لهـب تبـت يـداك أبـا لهـب ــــ وتبت يداها تلـك حمالـة الحطـب
خذلت نبيا خير من وطىء الحصى ــــ فكنت كمن باع السلامة بالعطـب
وخفت أبا جهـل فأصبحـت تابعـا ــــ له وكذاك الـرأس يتبعـه الذنـب
فأصبح ذاك الأمـر عـارا يهيلـه ـــ عليك حجيج البيت في موسم العرب
ولو كان من بعض الاعادي محمد ــــ لحاميت عنه بالرمـاح وبالقضـب
ولم يسلمـوه أو يصـرع حولـه ـــ رجال بلاء بالحـروب ذوو حسـب
تبت : قطعت .
القضب : السيوف.
وقال ايضا في الوفاء بين الناس :
ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب ــــ فالناس بين مخاتـل ومـوارب
يفشون بينهم المودة والصفـا ــــ وقلوبهـم محشـوة بعقـارب
السلام عليك يامير المومنين
__________________
ابد والله ماننسى حسينا
ا
[justify][center]